مستجدات جائحة الكرونا ( العدوى و التشخيص و الأعراض و العلاج )
تضم عائلة فيروسات الكرونا – كرونافيريدى مجموعة من أكبر فيروسات ال رنا و بها جينوم رسالى موجب وحيد سلسلة رنا.
فيروسات الكرونا تنتشر و تنقل بالهواء و تصيب الجهاز التنفسى فى الإنسان و الفقاريات. توجد أنواع من فيروسات الكرونا من فى الإنسان و فى الحيوانات الفقارية. فيروسات الكرونا شديدة العدوى و سريعة الإنتشار و تتسبب من وقت لآخر فى حدوث وباء فى أماكن محدودة أو جائحة تنتشر فى كل العالم.و انتشرت من قبل أوبئة سببتها فيروسات الكرونا مثل سارس – متلازمة الألتهاب التنفسى الحاد و ميرز – متلازمة الشرق الأوسط الالتهاب التنفسى و الآن كوفيد 19- مرض فيروس كرونا 19 . فى الإنسان. بدأت جائحة كرونا الحالية فى منتصف ديسمبر 2019 بمنطقة يوهان جنوب الصين و إنتشرت العدوى من سوق هونان لللأطعمة البحرية و لحوم الحيوانات الحية. أنتشر المرض فى يوهان بشكل غير مسبوق و أصيب عشرات الآلاف بسرعة قبل أن يتم عمل الإجراءات الإحترازية التى تشمل الحظر الجوى و البرى و إغلاق المدينة و إعلانها منطقة منكوبة يحظر الدخول اليها أو الخروج منها. و سافر الآلاف لمختلف أنحاء العالم حاملين الفيروس بدون أعراض تذكر و عادوا لأوروبا و أمريكا خاصة هربا من أخبار الوباء المتفشى و الغير معلن.
أسمت المنظمة العالمية لتسمية الفيروسات الفيروس المسبب لجائحة كرونا او كوفيد 19 ب سارس سى أو فى2 وفقا لدراسات أكملت التعرف على التسلسل الكامل لجينوم الفيروس الجديد. يتراوح قطر فيروس الكرونا مابين 60 الى 140 نانوميتر و طول الجينوم 29,844 زوجا من القواعد النتروجينية. ثبت ان نسبة تطابق جينوم الفيروس أقل فى فيروسات كرونا سارس (78%) و بنسبة أقل للفيروس المسبب لميرز (50%). وجد أن نسبة تماثل أو تطابق تتابعات جينوم الفيروس الجديد تطابق بنسبة 96% لثلاثة فيروسات كرونا عزلت من وطواط حدوة الحصان رينولوفس افينس بيوهان , اعتبر أنه خازن المرض الرئيسى. و أعتبرت حيوانات أخرى كخازن إنتقالى لفيروسات تطابق جينوم فيروس كوفيد 19 بنسبة 91% و 99% بالتتابع فى كل من حيوان البانقولين آكل النمل الماليزى (مانيس جافانيكا) و قط الزباد –بالم سيفت ( باقوما لارفاتا). .
أوضحت دراسات الجينومكس وجود نوعين من فيروس الكرونا المستجد – سارس كرونا فيروس 2 , اطلق علي النوع الأول (ل – ليوسين ) الذى ينتشر بسرعة و موجود بنسبة 75% فى المرضى و أنه تطور أصلا من النوع الثانى (إس –سيرين) الأقل إنتشارا 25%. كغيره من فيروسات الكرونا المعروفة التى تصيب و تدخل الخلايا عبر مستقبلات خاصة موجودة بسطح خلايا الجهاز التنفسى و خلايا القلب و الكلى و و أقل بالمخ و العين. و قد وجد أن الفيروس الجديد يرتبط بروتينه الخارجى إس – إسبايك –آر بى دى – بقوة شديدة جدا مع مستقبلات الخلية آى سى إى2 و يدخل جينومه الرايبوزى لسيتوبلازم الخلية و يبدأ حياته بترجمة بروتيناته التى يحتاجها و منها ربلكيز لينسخ جينومه الرايبوزى ومنها تنطلق آلاف الفيروسات لتصيب خلايا الجهاز التنفسى – الرئة و كل أنواع الخلايا التى بسطحها مستقبلات آى سى إى 2. ينتشر المرض بواسطة إفرازات المرضى و حاملى الفيروس من عطس و لعاب و مخاط و دموع و البول و البراز أثناء التحدث و التنفس و عبر الأسطح الملوثة مباشرة , لتحدث الإصابة عبر الأنف و الفم و العيون. يتحتم على الأطقم الطبية إرتداء ملابس واقية من الرأس للقدم , عليهم إرتداء قناع كامل يغطى كل الوجه و ليس الكمامة فقط.
يتم تشخيص المرض بإستخدام أجهزة تضاعف الأحماض النووية بى سى آر التى تكشف عن وجود جينومها الرايبوزى –رنا – من عينات من نهاية سقف الأنف أو عينات من السائل الرئوى و هى الأدق . و تعتمد دقة و حساسية هذا الإختبار بشكل كبير على نوعية و أخذ العينة من المكان الصحيح و حفظها باردة و عدد الفيروسات بها. و تمثل نتائج التشخيص السلبية الغير حقيقية مشكلة كبيرة جدا فى معرفة المرضى و إحصاء حاملى المرض للعلاج و العزل و معرفة حجم الوباء و سرعة تفشيه و أعداد المصابين و إحصائياتهم الحقيقية. يمكن تشخيص المرض فى عينات الدم بإستخدام الإختبارات المناعية أو السيرولوجية , بالبحث عن الأجسام المضادة للفيروس (إم و جى) أو البحث عن الأنتجين اى الفيروس نفسه بعد خمسة أيام و ألثانية أكثر دقة و حساسية و خصوصية.
فى العادة يتم التعامل مع الحالات المشكوك فى إصابتها بالكرونا كوفيد وفقا للمحددات و الأعراض السريرية الأكلينيكية و الصور المقطعية للرئتين. الأعراض الأساسية لمرضى كوفيد 19 تتمثل فى الحمى ( 87%) و الكحة أو السعال (58%) و صعوبة التنفس (38%) و آلام شديدة فى مقدمة الصدر و إفراز بلغم كثيف أو مخاط (30%) و الصداع (9%) و آلام و تقرحات فى الحنجرة و بدرجة أقل الإسهال ( 7%). حدوث إمبوليزم أو جلطات صغيرة خطيرة متحركة فى الرئتين. أيضا يهاجم الفيروس الهيموقلوبين حيث ينزع الهيم من الهيموقلوبين و ترتبط بروتيناته بالبروفيرين مكونة مركب لا يحمل و لا يرتبط بالأكسجين مما يؤدى لتراكم ثانى أكسيد و فى النهاية فشل القلب و الموت. المرض أكثر فى الذكور من الإناث و أقل فى الأطفال حيث يعتقد أنهم يعملون على نقل المرض بدون أن يظهر عليهم. يتفاقم المرض أكثر فى المسنين و أصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض الجهاز التنفسى المزمنة و ضغط الدم و السكرى و الفشل الكلوى و المدخنين و متعاطى أدوية تثبيط المناعة و الكورتيزون.
لا يوجد لقاح للمرض و لا يوجد عقار محدد ضد فيروس المرض, و العلاجات مساعدة فقط فى التنفس و بعض المضادات الحيوية.
تم إقتراح الكلوروكوين و هيدروكسى كلوروكين مع أزسروميسين لعلاج المرض و لكن تبين وفاة نصف المرضى بعد تناولهم لها بالفشل القلبى . أيضا هنالك عقار ريمديسفير مضاد الفيروسات المعروف و بعض العقاقير التى تمنع و تذيب الجلطات مثل الهيبارين و الأسبرين و الهيرودين. أسرع العلاجات نجاحا حاليا هى حقن المرضى ببلازما الدم المستخلصة من مرضى الكرونا الذين شفوا مباشرة. و هى تحتوى الأجسام المضادة لفيروس الكرونا المستجد و فى خلال ثلاث أيام لوحظ شفاء الحالات الصعبة من المرض و لم ترصد أى أعراض جانبية لها. يتم فحص فصائل الدم و العامل الريصى و أمراض الدم مثل فيروس الأيدز و فيروسات الكبد بى و سى و الحمى الصفراء و الزهرى. مقارنة من أمراض فيروسات الكرونا ألأخرى تكون معدلات الوفاة فى مرض كوفيد أقل من 7% (ميرز 38% و سارس 10%). رشحت معلومات كثيرة عن قرب التوصل للقاحات تقى من فيروس الكرونا و لكن تبقى قدرة جينوم الفيروس على إستحداث الطفرات المتتاليوة و المتوالية التى تزيد من قدراته على الإنتشار و العدوى و الإمراضية .
جائحة كرونا كوفيد 19 تظل فى حالة إنتشار رغم كل الإجراءات الوقائية مثل حظر التجول و الإغلاق الكامل للمدن . ينتشر المرض أكثر فى الدول الباردة مثل أوروبا و أمريكا حيث سجلت معدلات إصابة تقارب ثلاثة ملايين و تجاوزت الوفيات حاجز 207 الف وفاة. و يلاحظ قلة الإصابات فى قارة أفريقيا و غيرها من المناطق الحارة و الإستوائية. و سينحسر الوباء بإزدياد درجات الحرارة فى بداية الصيف. مثلت جائحة كرونا كارثة عالمية لا مثيل لها و أثرت بشكل سلبى على الإقتصاد العالمى لكل دول العالم و فقد مايزيد على مئتى مليون وظائفهم و توقف كل شىء. عالم ما بعد الكرونا لن يكون مثل ما قبله.
د.زاهر عباس حلمى
أستاذ الفيروسات المساعد
برنامج الطب و الجراحة
كلية نبتة
![]() |
![]() |